تجامل الناس .. تكذب عليهم .. تتظاهر بأنك تصدقهم أو تهتم بهم فتجد أنهم يسعدون.. حتى وهم يعرفون أنك لست صادقا فيما تقوله أو ما تعبر عنه .. ولكنك ما إن تصارحهم بشيء يضايقك منهم حتى تفاجئك ردة فعلهم القاسية والعنيفة .. ورغم أن مصارحتك تكون بنية حسنة وبصدق وإخلاص للشخص الذي تصارحه برأيك ..فإنك تشعر بعدم جدوى تبرير سبب المصارحة ..حين يصدمك بطريقته في استقبال كلماتك التي قصدت منها الإحسان لا الإساءة !!
قد تكون المصارحة أحيانا قاسية أو مؤلمة إن كانت تحمل بين طياتها نقدا .. أو تحاملا ..أو تشير إلى نقطة حساسة يخفيها هذا الفرد مثلا ولا يريد أن يكشفها له أحد مهما كان ..وهنا يحق للشخص أن يتألم ويدافع عن نفسه بطرقه الخاصة ..التي قد تكون جارحة أكثر من المصارحة نفسها..!!
ولكن حين تكون المصارحة بغرض ودي .. ولتعريف الشخص بخطأ يرتكبه دون قصد ..أو لتصرف غير مناسب قام به ولم ينتبه إلى عدم ملاءمته لماهو مطلوب .. أو قد تكون المصارحة بغرض تعريفه بنظرة الناس لأليه وتنبيهه لتصحيح تصرف ما ينتقده الآخرون ..فالمصارحة هنا تأتي من باب الإخلاص لهذا الشخص ..وليس من باب التجريح .
ما يحدث غالبا هو أن من تحاول مساعدته بمصارحتك له ينقلب عليك ..ويشعر تجاهك بالعداء لأنك فيما يعتقد قد أسأت إليه ..وجرحت إحساسه ..وآذيت مشاعره..!!.
هنا يصبح من الصعب عليك تفسير أو تبرير سبب مصارحتك .. فمادام من صارحته برأيك قد أفزعك بما أبداه من ثورة عارمة تجاهك .. ووضع بينك وبين الوصول إلى فكره ونفسه حجابا من المشاعر العدوانية ..فكيف يمكن لك أن تشرح له الفكرة التي من أجلها كلفت نفسك عناء مصارحته ...!!
بالإضافة إلى أنه يتوقع منك أن تعتذر له .. وهذا ما يعقد الأمور .. فكيف تعتذر عما ترى أنه أمر واجب عليك تجاه هذا الصديق أو القريب منك .. !!
هي في الواقع مسألة معقدة...لذا يفضل معظم الناس مشاهدة الخطأ والسكوت عليه .. بدلا من المبادرة بإعلان الرأي الصريح.. كما يفضل البعض أن تبقى علاقته بأصدقائه في حدود المجاملات ..دون أن ترتقي إلى مقام يسمح بالصراحة والمفاتحة ..!!
نخلص الآن من هذا كله إلى هذه الفكرة..هل الصراحة أمر مكروه أم محمود ..؟؟..هل من واجب الصديق أن يصارح صديقه بما ينكره من صفاته وأفعاله .. أم يجب عليه مجاملته ومداراته ليحتفظ بصداقته.